بسم الله الرحمن الرحيم
كان ياماكان قصة قديمة… وتتجدد القصص القديمة… ويبقى لها قيمة وسيمة… بالذات إذا حكتها دوف اللئيمة…
حل الجفاف ووقف نزول المطر… نشفت الينابيع والأنهار… يبست الأشجار وماتت الأطيار…
واللي عاش منها هاجر لبلاد بعيدة… فيها الموية والأعشاب المفيدة
ملك الغابة الأسد … جاء جيعان ومستني المدد…
يبغى اللحم والشوربة والمهلبية…
أو على الأقل شوية رز وملوخية…
من جماعته وخدامينه الكتار … ومن بينهم نمر وذئب وحمار
قال الذئب الرحمة ياملك الغابة… إحنا غلابا…
والفرائس والطرائد هاجرت بسبب القحط… وماعاد فيه لا عجول ولا ثيران ولا بط… وربي ما قصرنا في الصيد ولا في الشيل والحط
قال الملك: عجيبة… ايش هادي المصيبة… والعمل يا شلة النحس والخيبة…
الذئب الشطور… والحكيم المغمور… قال بدموع وحزن وكآبة… عقاب من الله نزل على الغابة…
ذنوب ومعاصي وبلاوي زرقا… آه ياضميري من كتر الحرقا…
كل واحد يعترف بذنبه… ولايخبي كلمة عن صاحبه اللي جنبه…
مكن ربنا يغفر ويسامح… وترجع الحال زي امبارح…
تنزل المطره …وتروح الغبرة… وربنا يرزقنا بكم تور وبقرة
الحمار المؤدب… أثنى على الفكرة وأطنب… قال فكرة رائعة… وحل مثالي لبطوننا الجائعة…
اسكت … قال الأسد… حتى أنت يا حمار صرت ملقوف… تتكلم في وجودي يا منتوف… والله لا ألطشك عشرة كفوف
أنا راح ابتدي الكلام… وعشان التأثير التمام … أبغى موسيقى حزينة مسرسعة… و ياريت سمفونية الفصول الأربعة… توصف مشاعري وألمي … ومدى عذابي وندمي…
في يوم كنت ماشي في الضهرية… وإذ بقطيع من الجواميس البرية…
من بينهم ثور صغير توه مولود … لحمه لذيذ… فائق النكهة… عالي الطراوه… أطعم من الحلاوه…
هجمت عليه وأفترسته وأكلته
أهييييء اهييييييييء … كانت غلطة أدري… ياعيني عليه أتوكل بدري
النمر الحساس الموجوع… اللي ما يطيق البكا والدموع… طبطب على كتف الأسد…
قال: كفاياك حزن وملامة … هذا مو ذنب يا بو أسامه… ومسح عيونه اللي كأنو داهنها بفكس… وأعطاه منديل كلينكس…
أجل لو عرفتو أنا ايش سويت… كان بالجزمة ضربتوني… وعبرة لمن لايعتبر خليتوني…
مرة شفت شوية أغنام مع راعي … ومع أني شبعان ومالها داعي… حبيت أدوق طعمها…
قام ابن اللذين هاجمني… وبعصاية غليظة لاحقني… وبكلام بذيء شاتمني…
ولأني متربي ومشاعري حساسة … هاجتمه وقتلته بشراسة…
اهيييييييئ اهييييييييئ … أنا من زمان حزين ومخبي… آآآخ يا ويلي من ربي…
قال الذئب الحكيم… أما إنه راعي لئيم… لا تبك ولا تقطع قلبي… عذرك إنك مؤدب…
وأنت بشهادة الجميع… ما تحب تسمع الكلام الخليع…
أما أنا فذنبي كبير… وقد البعير…
في طرف الغابة تسكن ثلاث بنات أيتام… مساكين وفقراء يا حرام…
وكل اللي عندهم ثلاث دجاجات… أشهى من الببسي والكت كات…
ومعزة نحيفة يا جماعة … لا تسمن ولا تغني من مجاعة…
في يوم تسللت للخن وأكلت اللي فيه النصيب…أنا مجرم حرمت البنات من البيض والحليب… اهييييءءءاهيييييييءءء اهييييءءءاهيييييييءءء
كالعادة الأسد الحنون… أخد الذئب في حضنه وهمس له في أدنه… ما في داعي للبكا ولا الحزن والشكا… وكفاية الدموع أربع أربع…وخلونا من الحمار نسمع…
فرح الحمار… وقال أخيراً بتكلم وأثبت وجودي… ويصير للحمير مكانة بفضل مجهودي…
الحمار أتنحنح… واتظبط في جلسته واتصلح... ولبس نظارة الوجاهة… وكأنه بيلقى كلمة… وأتخيل قدامه غابة من المكرفونات لمحطات وإذاعات.. فضائية ودولية…
قال: يا جماعة الخير… في يوم كنت ماشي مع صاحبي في المراعي… الافندي قابل صاحبه القديم… وقعدوا يهرجوا عن العيال والحريم… وعن السوق وسعر الطماطم والدقيق… وعما إذا كان البرياني أطعم من السليق… وساب الحبل من يده… الأسد صرخ: قولوا له يختصر الله يهده…
بسرعة كمل الحمار الفهيم… قال لأني جوعان وبهيم… أكلت شوية حشايش وبرسيم…
وهذه الحكاية باختصار… ولاتزعلوا مني تراني حمار…
قال الذئب كارثة.. مصيبة… أكلت الحشايش والبرسيم… صح انك لئيم…
وقال النمر هذه مصيبة كبرىىىى…
وقال الأسد: هي هاذي الخطيئة التي تسببت في انقطاع الأمطار والجفاف … أمثالك من أصحاب العقل الخفاف… أنت السبب في شقائنا … وعشان بلوتك صابنا الجوع وذرفنا الدموع…
سنوقع عليك أشد العقاب…. ونعمل منك شاورمة وكفتة وكباب…
هجم الثلاثة على الحمار المسكين وافترسوه… وأكلوه ... ومرمشوا عظامه... وسدوا به الجوع الذي يحسون به مؤقتاً إلى أن يعثروا على حمار آخر … وما أكثر الحمير…
الإثنين يوليو 28, 2008 6:19 am